مع عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، يبدو أن الأجندة السياسية التي سيقدمها لن تختلف كثيراً عن تلك التي تبناها خلال فترة رئاسته الأولى، حيث يُتوقع أن تركز سياساته على تقليل التدخلات الخارجية. من المرجح أن ينحصر اهتمام إدارة ترامب بأفريقيا والشرق الأوسط في قضايا مكافحة الإرهاب والهجرة وتأمين المصالح الاقتصادية، مما قد يحدّ من التزام الولايات المتحدة بدعم مسارات التحول الديمقراطي أو لعب دور فعال في حل النزاع الدائر في السودان
من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تعزيز التدخلات الخارجية من قبل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل الإمارات، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع قوات الدعم السريع. دعم الإمارات لقوات الدعم السريع قد يتزايد مع احتمالية أقل لأي ضغط أمريكي في مواجهتها، بالإضافة إلى ذلك توجد احتمالية كبيرة لأن تتجاهل إدارة ترامب أي انتهاكات لحقوق الإنسان قد تحدث في السودان. فإدارة ترامب، التي أظهرت في السابق ميلاً لتجاهل قضايا حقوق الإنسان، قد تتبع نفس النهج، مما يسمح باستمرار الدعم لأطراف النزاع بدون عقوبات أو ضغط دولي جدي
إضافة إلى ذلك، فإنه من المرجح أن تكون إدارة ترامب أكثر تحفظاً في استخدام ورقة العقوبات كأداة للضغط على الأطراف المتنازعة في السودان، مما يمنح الأطراف المتحاربة حرية أكبر في تحركاتها دون الخوف من تبعات دولية. ومن شأن هذا الموقف أن يزيد من تعقيد الأزمة السودانية ويزيد من حدة التداعيات السلبية على المدنيين، حيث قد تتفاقم الأوضاع الإنسانية مع تصاعد العنف في غياب رادع دولي قوي. من المهم أن نشير إلى أن السودان لم يكن ضمن أولويات الإدارة الأمريكية الحالية بل ظل يتراجع باستمرار مع اشتعال المزيد من الأزمات الدولية، وهو الأمر الذي يرجح أن يستمر في التراجع في إدارة ترامب، لذا، من المتوقع أن يكون تدخل واشنطن في الملف السوداني أقل فعالية، ما قد ينعكس على جهود وساطة أمريكية أقل وأضعف، الأمر الذي قد يشكل تحدي نحو أي تقدم مأمول في جهود إيقاف الحرب لاسيما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تشكل فاعلا أساسيا في عدد من المبادرات التفاوضية الواعدة لاسيما منبري جدة وجنيف، حيث ساهمت الولايات المتحدة سابقًا بدفع عجلة التفاوض وإيجاد نقاط التقاء بين الأطراف المتنازعة
في ظل هذا الفراغ المتوقع من ناحية الاهتمام الأمريكي، تبرز أهمية التفات القوى المدنية الساعية إلى إيقاف الحرب بصورة أكير نحو الخيارات والحلول الأفريقية عبر منظومتي الإيقاد والاتحاد الأفريقي. حيث يجب الدفع نحو دور أكثر مركزية للاتحاد الأفريقي في جهود إحلال السلام في السودان، وربما يشكل فوز ترامب، رغم تداعياته السلبية، فرصة لتعزيز مركزية الاتحاد الأفريقي ومؤسساته في قيادة العمليات التفاوضية من ناحية أنه قد يؤدي إلى تصميم جديد للعملية التفاوضية يتجنب تشتت وتعدد المنابر ويضع الاتحاد الأفريقي ومؤسساته في مركز قيادة العمليات التفاوضية ما قد يقلل قدرة طرفي الحرب على المناورة والتهرب من الالتزامات